الاعتبارات الرئيسية للاستجابة لزلزال تركيا وسوريا

27 February 2023

إذا كنت ممّن يقدمون الاستجابة في تركيا وسوريا، فما هي أهم الدروس المفيدة لك من بين الدروس المستفادة من الاستجابات السابقة؟ وما الذي تحتاج إلى التفكير فيه عند تقديم المساعدات النقدية والقسائم في هذا السياق؟ ولماذا تُعتبر الاستدامة البيئية مهمة عند إعادة بناء البنية التحتية بعد هذه الكارثة وغيرها من الكوارث؟ وما هي الدروس الجديدة التي قد تنجم عن الأزمة الحالية حول البرمجة في أزمة اللاجئين التي طال أمدها وتطبيق المبادئ الإنسانية؟

لقد تحدثنا مع هيلين جوليارد، المؤلفة الرئيسية لـ "الدروس المجمعة عن الزلازل" الصادرة عن شبكة التعلم الإيجابي للمساءلة والأداء في مجال العمل الإنساني" (ALNAP) في عام 2018، حول أهمّ الدروس المستقاة للمستجيبين في تركيا وسوريا، وسألنا جين دوهرتي، مديرة الأبحاث في أوراق دروس "شبكة التعلم الإيجابي للمساءلة والأداء في مجال العمل الإنساني "(ALNAP)، عن أفكارها حول أولويات التعلم للاستجابة الحالية.

 

هيلين، تعمل الجهات الفاعلة الوطنية والدولية بجدّ للاستجابة بأسرع ما يمكن، علماً بأن هذه المراحل المبكرة حاسمة للغاية. من بين الدروس الـ 16 التي تمّ تحديدها في ورقتك، ما هي الدروس ذات الأولوية التي تعتقدين أنه ينبغي على المشاركين في الاستجابة وضعها في بؤرة اهتمامهم في هذه المرحلة الأولية، ولماذا؟

جميع الدروس الـ 16 مهمة، لأنها مستمدة من عقود من تجارب العاملين في المجال الإنساني. ومع ذلك، إذا كان عليّ أن أختار 3 للاستجابة الفورية للزلزال، فستكون ما يلي:

الدرس الأول: تفاعل على نطاق واسع وسريع مع الجهات الفاعلة المحلية والوطنية – حتى المجتمعات والسلطات الأكثر تضررًا يكون لديها مستوى معيّن من القدرات بعد وقوع زلزال.

الدرس الثامن: حدد الأماكن المتاحة لتخزين الحطام

الدرس التاسع: توقع القضايا المتعلقة بفقدان الوثائق أو تعذر الوصول إليها بالإضافة إلى ما يكتنف حيازة الأراضي من تعقيدات

الدرس الأول: تفاعل على نطاق واسع وسريع مع الجهات الفاعلة المحلية والوطنية – حتى المجتمعات والسلطات الأكثر تضررًا يكون لديها مستوى معيّن من القدرات بعد وقوع زلزال.

من المفاهيم الخاطئة الشائعة أنه بعد الزلزال (كما هو الحال مع أي أزمة)، تصبح الأسر والسلطات في المنطقة عاجزة. بالطبع سيكون بعض الأفراد في حالة صدمة، لكن أولئك الذين يعيشون بالقرب من مكان حدوث الأزمة يكونون أول المستجيبين. على سبيل المثال، اضطلعت منظمات المجتمع المدني بدور رائد في عام 2010 بعد زلزال هايتي وفي عام 2007 في بيرو. وتمّ تسليط الضوء على هذا الدرس من قبل روني برومان، الرئيس السابق لمنظمة أطباء بلا حدود، في برنامج إذاعي مؤخرًا.

منذ نشر ورقة دروسنا عن الزلازل في عام 2018، أصبح من الواضح أكثر من أي وقت مضى أن القدرة المحلية والوطنية على الاستجابة للكوارث داخل حدودها الخاصة دائمًا ما لا تحظى بدعم كافٍ ولا تُستغل بشكل كافٍ. سيكون هناك بعض العذر لتجاهل الجهات الفاعلة المحلية في تركيا وسوريا، الدول التي بها ممثلو مجتمع مدني أقوياء لهم سجل حافل في قيادة تنفيذ برامج المساعدات عندما لا تتمكن الجهات الفاعلة الدولية من ذلك، بسبب مشكلات الوصول – في تركيا، خلال جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وفي سوريا بسبب حربها الأهلية.

يجب على المنظمات الإنسانية الوطنية والدولية الانخراط على نطاق واسع وسريع مع منظمات المجتمع المدني المحلية والجهات الحكومية المحلية. حتى لو كان الوقت ضيقًا وهناك حاجة ملحة للتدخل، فكّر في:

  • إيجاد طرق لتوجيه الدعم للجهات الفاعلة المحلية في أسرع وقت ممكن والعمل معهم لتحديد الأولويات في خطة الاستجابة الإنسانية
  • تسيسر التنسيق مع الجهات الفاعلة المحلية بقدر الإمكان، على سبيل المثال، من خلال العمل باللغات المحلية.
  • البناء على المعرفة المحلية الموجودة. في المناطق المعرضة للزلازل، هناك ثروة من المعرفة السياقية الخاصة بكل بلد والتي يمكن للاستجابة الدولية أن تسخرها لتحسين الاستجابة الشاملة.

عد إلى الأعلى,

الدرس الثامن: حدد الأماكن المتاحة لتخزين الحطام

تعتبر معالجة الحطام من التحديات الرئيسية بعد الزلزال. تسبّب الزلازل كمية كبيرة من الحطام والأنقاض عندما تدمر المباني والبنية التحتية الأخرى. ولهذا أهمية خاصة في المناطق الحضرية، كما هو الحال في مدينتي غازي عنتاب وإكينوزو والعديد من المدن التركية والسورية التي ضربها الزلزال.

تمثل إزالة الأنقاض أحد الإجراءات الأكثر إلحاحًا لتسهيل الوصول إلى الطرق المهمة ومواقع الإنقاذ. ويتطلب ذلك تحديد المساحات المتاحة التي يمكن أن تخزين الأنقاض بها مؤقتًا.

بالإضافة إلى قضية توافر المساحة، يجب التعامل بعناية مع المسألة المتعلقة بمَن يقوم بمعالجة الحطام. قد يبدو استخدام تدخلات "النقد مقابل العمل" أو "الغذاء مقابل العمل" فكرة جيدة، ولكن هناك مخاطر ومشكلات كبيرة مرتبطة بمثل هذه البرامج لا يمكن تجاهلها. يمكن أن يؤدي إشراك العمالة غير المتخصصة في إزالة الحطام إلى تعريض الأفراد لمخاطر تتعلق بالسلامة، واستبعاد جزء من القوة العاملة في الأسرة، وتقويض الأشكال التقليدية للمساعدة المتبادلة. عندما يكون استخدام النقد مناسبًا، فكّر في فصل الحالة (مثل العمل) عن المساعدة (مثل النقد).

عد إلى الأعلى,

الدرس التاسع: توقع القضايا المتعلقة بفقدان الوثائق أو تعذر الوصول إليها بالإضافة إلى ما يكتنف حيازة الأراضي من تعقيدات

في حين أن هذا قد لا يبدو الأمر الأكثر إلحاحًا الذي يجب القيام به كجزء من المرحلة الأولى من الاستجابة، إلا أنه أصبح قضية ذات أهمية متزايدة في الاستجابات الإنسانية.

غالبًا ما يفقد السكان المتضررون من الزلزال وثائق هويتهم أو مستنداتهم، أو لم يعد بإمكانهم الوصول إليها. وغالبًا ما تكون بعض وثائق تحديد الهوية شرطًا ضروريًا للحصول على المساعدة الحكومية أو الإنسانية. وقد وجد أحد الأمثلة من نيبال أن ما يقرب من 50% من النساء اللواتي شملهنّ الاستطلاع تضرّرن من الزلزال، ولم يعد لديهن شهادات الجنسية، و25% لم يكن لديهن أوراق ممتلكاتهن. وينطبق هذا بشكل خاص عند تلقي المساعدة النقدية، حيث قد يكون مقدّمو الخدمات المالية ملزمين بإجراء عمليات التحقق من الهوية قبل إجراء المعاملات.

تعتبر حيازة الأراضي والمستندات الخاصة بها جانبًا مهمًا آخر. قد تكون القوانين الوطنية لملكية الأراضي غير مألوفة للمنظمات الدولية و/أو يصعب التعامل معها. ويمكن أن تتطلب صياغة ملكية غير رسمية والعمل في بيئة تفتقر إلى السجلات من الكيانات الحكومية المحلية منح التصريح أو العمل كمفاوض مع المُلاك لبدء أعمال إعادة الإعمار. وقد يستغرق ذلك وقتًا طويلاً، والوقت هنا ثمين، خاصةً عندما تعيش العائلات في ظروف قاسية في الطقس البارد. كما أن الإسكان والأراضي والممتلكات (HLP) كأحد الموضوعات التي تتضمنها بنية تنسيق الشؤون الإنسانية، يقع عبر مجموعتين أو قطاعين: الحماية والمأوى - مما يجعل معالجة هذه القضايا أكثر صعوبة. لذا، فمن المهم البدء في مناقشة هذه الموضوعات وتقديم الخبرة اللازمة في وقت مبكر من العملية.

عد إلى الأعلى,

هيلين، أشارت ورقة دروس 2018 إلى المساعدة النقدية، ومنذ ذلك الحين قامت Key Aid بالكثير من العمل لفهم العوامل التي تساهم في فعالية المساعدة النقدية والقسائم (CVA) والمنهجيات القائمة على السوق في الاستجابة الإنسانية – هل يمكنك تلخيص بعض الاستنتاجات الرئيسية للوكالات التي تؤسّس المساعدة النقدية والقسائم وتُنفقها في الوقت الحالي؟

في المرحلة الأولى من حالة الطوارئ، تكون الأولوية لضمان سرعة إيصال المساعدة، وفيما يتعلق باستخدام المساعدة النقدية والقسائم، تكون الأولوية لسرعة التسجيل وصرف المال. ويجب أن تتفق الجهات الفاعلة في المجال الإنساني على الحد الأدنى من متطلبات تحديد الهوية في أسرع وقت ممكن، مع اتباع نهج "عدم الندم" في إيصال المساعدة النقدية والقسائم (أي أن، التصرف بسرعة وإعطاء المساعدة النقدية والقسائم لبعض الأشخاص في مستويات احتياج أقل يكون أفضل من تأخير الأشخاص الذي يكونون في حاجة بالفعل إلى المساعدة الفورية). عند القيام بذلك، ضع في اعتبارك:

  • مراعاة المعرفة الرقمية للسكان المتضررين: على سبيل المثال، هل يمكن أن يكون التسجيل الذاتي عبر الهاتف المحمول خيارًا متاحًا؟ في استجابة أوكرانيا، سجلت المنظمات الإنسانية أكثر من 2.5 مليون شخص في أقل من 4 أشهر، باستخدام التسجيل الذاتي والسجلات الاجتماعية.
  • طرح السؤال "لماذا ليس نقدًا؟" ولكن أيضًا "لماذا لا تستخدم أنظمة وسجلات الحماية الاجتماعية الحالية؟" على سبيل المثال، نظام معلومات خدمة المساعدة الاجتماعية المتكامل في تركيا.
  • قنوات التحويلات المالية. تمثل المساعدة الإنسانية، والمساعدة النقدية والقسائم على وجه الخصوص، مجرد جزء ضئيل من التدفقات المالية إلى المناطق المتضررة من الأزمات. ما هي القنوات المستخدمة في إرسال التحويلات المالية، وهل يمكن استخدامها لإيصال الأموال الطارئة أيضًا؟

وأخيرًا، من المأمول أن يوفر نموذج التنسيق النقدي المعتمد حديثًا مزيدًا من القدرة على التنبؤ في بنية التنسيق النقدي، وتيسير المناقشات حول قيمة التحويل، وإزالة الازدواجية في المساعدة، وطريقة فعالة لضمان المساءلة تجاه الأسر المتضررة من الأزمات.

عبر العديد من الأزمات، أصبحنا على علم بأن الحفاظ على خطوط اتصال مع المجتمعات المتضررة أمر بالغ الأهمية، لكنه قد يكون صعبًا، لا سيما عندما تتأثر البنية التحتية – بالنسبة للوصول إلى الأشخاص المتضررين، ما الذي يجب أن يفكر فيه المستجيبون لتوصيل الدعم، وللتشاور والتواصل على حد سواء؟

تضمنت ورقتنا لعام 2018 درسًا مهمًا حول إنشاء خطوط اتصال والحفاظ عليها مع المجتمعات المتأثرة بالأزمة.

الدرس الثالث: لا تدع تحديات البنية التحتية والوصول تعيق التواصل، خاصة مع المجتمعات المعزولة

قد يكون تفعيل هذا الدرس أسهل ممّا كان عليه في عام 2018، لا سيما في سوريا حيث وضعت المنظمات الإنسانية بالفعل أنظمة وعمليات للعمل في بيئات محدودة الوصول. ونتيجة للأزمة المستمرة، وضعت المنظمات الإنسانية مجموعة واسعة من الاستراتيجيات للتمكن من الوصول أو الحفاظ على الوصول في سوريا، بما في ذلك الإدارة عن بعد واستخدام التقنيات. تمّ ذكر بعضها هنا.

بعيدًا عن سوريا، قامت المنظمات الإنسانية في جميع أنحاء العالم بتعديل طرق عملها أثناء جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19). وكجزء من هذا التحول، تمّ لفت الانتباه إلى الحصول على الرصد والتقييم (M&E) عن بعد بشكل صحيح، مع مراعاة أكبر للأخلاقيات والتحديات والثغرات التي تصاحب ذلك. وظهرت الممارسات الجيدة في ثمانية مجالات رئيسية:

 1. تأكد من الفهم الصحيح للسياق، والوصول الرقمي، وأنماط استخدام الجهاز، لا سيما عند التخطيط للرصد والتقييم عن بُعد للوصول إلى الفئات المستبعدة عادةً.

 2. تجنّب أو حِدّ من جمع البيانات حول الموضوعات شديدة الحساسية نظرًا لمخاوف الخصوصية، ووجّه الأشخاص إلى الموارد أو المساعدة المتاحة بغض النظر عما إذا كان الأمر يتعلق بموضوع نشاط الرصد والتقييم الخاص بك.

 3. ركز جمع البيانات على الاحتياجات التي يمكن حلها على الفور والتعليقات التي يمكن معالجتها بسرعة لتكون أقل استخلاصًا ممكنًا، مما قد يعني التفاوض مع المانحين بشأن كمية البيانات المطلوبة للمساءلة.

 4. وازن إمكانات البيانات المتحيزة مع قيمة امتلاك البيانات في الوقت الحالي.

 5. قم بإجراء تقييم لمخاطر وفوائد البيانات واعقد اتفاقيات لمشاركة البيانات ومعالجتها لضمان سلامة الأشخاص.

 6. كن مدركًا لأولئك الذين قد يتم استبعادهم في الاتصالات عن بُعد - مثل النساء أو كبار السن الذين لديهم وصول أقل إلى التكنولوجيا – واعتمد على هياكل التمثيل المجتمعي الحالية لجمع المدخلات.

 7. شارك في الاستماع المجتمعي من خلال الانتباه إلى شبكات المعلومات غير الرسمية ووسائل التواصل الاجتماعي لفهم اهتمامات المجتمع.

 8. تذكر أنه حتى عند مراعاة الاعتبارات المذكورة أعلاه، يجب أن يكون التعامل عن بُعد مع السكان المتضررين من الأزمة مؤقتًا قدر الإمكان، حيث أن غالبية السكان المتضررين أعربوا عن تفضيلهم للمشاركة المباشرة وجهًا لوجه بدلاً من الاتصال عن بُعد.

جين، من الواضح أن هناك جوانب فريدة من نوعها لهذه الأزمة: لقد مرت سوريا بأكثر من عقد من الصراع وهي بالفعل على قائمة الأزمات الإنسانية الكبرى؛ وتركيا دولة مضيفة هامة للعديد من اللاجئين من سوريا. ما هي جوانب هذه الأزمة التي تعتقدين أنها ستتطلب المزيد من التعلم من القطاع؟

لقد تطور القطاع الإنساني سريعًا منذ عام 2018، ومن المرجح أن يؤثر ذلك على طريقة تطبيق الدروس المحددة في الورقة على الاستجابة لهذا الزلزال. يمكننا التفكير في الدروس المستفادة من تلك الورقة، والتي كانت البيانات الخاصة بها محدودة أكثر في عام 2018، مع التفكير أيضًا في المجالات الجديدة ذات الأهمية المحددة لسياقات اللاجئين والصراع.

الاعتبارات البيئية

من الدروس الواردة في الورقة السابقة، المجال الذي يتمتع بإمكانية أكبر لتعلم جديد هو:

الدرس الرابع: يجب استخدام الزلازل كفرصة "لإعادة الإعمار بشكل أكثر مراعاة للبيئة"

يبدو هذا الدرس إلى حدّ كبير كما لو كان تفكيرًا حالمًا، وليس من المستغرب ألا يتم دائمًا إعطاء الأولوية للقضايا الشاملة في وقت مبكر من الاستجابة، لأنه من المفهوم أن العاملين في المجال الإنساني يركزون على إنقاذ الأرواح في الفترة الحالية. ومع ذلك، تعتبر البيئة عاملاً مهمًا يجب مراعاته مع انتقال الاستجابة إلى التعافي المبكر.

تعتبر البيئة ذات أهمية خاصة عند النظر إلى الاستجابات للزلازل، مع الأخذ في الاعتبار حجم الدمار والآثار الثانوية الخطيرة للزلازل على البيئة. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي تدمير البنية التحتية في أعقاب الزلزال إلى زيادة مستويات التلوث في الغلاف الجوي والمياه، في حين أن اختيار المواد والأساليب المستخدمة في إعادة الإعمار يمكن أن يتسبب في أضرار بيئية جديدة.

في عام 2018، وجدت "شبكة التعلم الإيجابي للمساءلة والأداء في مجال العمل الإنساني" نقصًا في الأدبيات حول هذا الموضوع، مما يشير إلى أن الاهتمامات البيئية ظلت ذات أولوية منخفضة نسبيًا. ومع ذلك، كان هناك تركيز أكبر على الاستدامة البيئية منذ عام 2018، ولكن أيضًا على التهديد والانتشار المتزايد لكوارث تغير المناخ. ويدرك العاملون في المجال الإنساني بشكل متزايد الحاجة إلى التكيف والاستعداد لهذه الأزمات بدلاً من التخفيف من التلوث فقط من خلال "الحفاظ على البيئة".

عند إعادة بناء البنية التحتية التي تضررت أو دُمرت بسبب هذا الزلزال، سيكون من المهم أن يفكر العاملون في المجال الإنساني في كيفية الصمود أمام الزلازل المستقبلية والتهديدات المناخية في هذه المنطقة. وفي جهود البنية التحتية هذه، سيكون العاملون في المجال الإنساني لاعبًا واحدًا فقط. ويشير التعلم المتاح إلى أنهم سيحتاجون إلى العمل بفعالية مع السلطات ومع الجهات الفاعلة في مجال التنمية للنظر في هذه المخاوف طويلة الأجل التي تهدف إلى الحد من التأثير الإنساني للكوارث في المستقبل. وقد يتم تنفيذ الكثير من العمل الفعلي من قبل هذه الجهات الفاعلة الأخرى، ولكن يمكن أن يلعب العاملون في المجال الإنساني دورًا في إقامة الروابط والدعوة إلى الاهتمام الكافي بالتهديدات المستقبلية. وفي عالم أصبح أكثر وعيًا بأهمية الاستدامة البيئية والتهديدات المناخية، آمل أن أرى المزيد من الدروس حول أفضل الممارسات تنبثق من هذه الاستجابة.

تتطلب السياقات الاجتماعية والسياسية المحددة في تركيا وسوريا أن ننظر أيضًا إلى ما وراء الدروس المستفادة من ورقة 2018 ونفكر في المجالات الأخرى التي قد ينشأ فيها التعلم من هذه الاستجابة. وهناك مجالان من هذه المجالات يتعلقان بالبرمجة في أزمة اللاجئين التي طال أمدها وتطبيق المبادئ الإنسانية.

أزمة اللاجئين التي طال أمدها

نظرًا للأعداد الكبيرة من اللاجئين في تركيا، فقد شارك النظام الإنساني بالفعل في الاستجابة للنزوح الذي طال أمده لسنوات عديدة. وقد رأينا في سياقات أخرى - مثل لبنان - أن التماسك الاجتماعي بين السكان المضيفين واللاجئين يمكن أن يتدهور عندما يصبح سياق البلد المضيف أكثر صعوبة لمواطنيه. ومع استمرار الاستجابة، سيكون من المفيد فهم الطرق الفعالة التي يجب أن يتبعها العاملون في المجال الإنساني لتقديم المساعدة التي يمكن أن تدعم الديناميكيات الاجتماعية الإيجابية وتجنُب تفاقم التوترات بين المجتمعات.

المساعدة الإنسانية القائمة على المبادئ

فيما يتعلق بتطبيق المبادئ الإنسانية، نشهد بالفعل تحديات تتعلق بالوصول إلى سوريا المتضررة من الصراع. أشارت دراسة "وضع منظومة العمل الإنساني" 2022 إلى أن النظام يجد صعوبة على الصعيد العالمي في إجراء استجابة قائمة على المبادئ يمكنها الوصول بشكل غير متحيز إلى جميع الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية. وقد نتج ذلك عن السياسات الدولية والتدريب والدعم المحدودين للعاملين في المجال الإنساني الذين يواجهون واقع تطبيق المبادئ في الخطوط الأمامية للاستجابة. ويمكن تعلم الدروس الرئيسية من أزمة الزلزال الحالية في سوريا حيث نرى كيف يحاول العاملون في المجال الإنساني العمل في هذا السياق المشحون سياسيًا والمنقسم خلال فترة الحاجة الإنسانية الماسة.

سيكون من المهم للعاملين في المجال الإنساني الذين يستجيبون في تركيا وسوريا مشاركة معرفتهم الناشئة حول هذه القضايا، وإضافة تعلم سياقي جديد إلى ما نعرفه بالفعل عن التماسك الاجتماعي في النزوح وتطبيق المبادئ الإنسانية في مناطق الصراع.